Posts Tagged ‘الرحال’

صوت مميز يحمل في طياته الحزن والشجن والعاطفة والشفافية في نفس الوقت, صوته ممزوج بروحيات متعددة حيث ينقلك بين قصب الأهوار وشلالات الشمال ويذهب بك إلى الكرخ والرصافة ويطير عاليا مرة أخرى ليحلق فوق نواعير هيت, وعندما تستمع إليه يترك أثرا كبيرا بالنفس ويعطيك جرعة من الأحاسيس والعاطفة والمشاعر ولن تنسى ذلك الصوت العذب الذي ارتوى من دجلة والفرات, لو انقطعت عن سماع ذلك الصوت الجميل فترة معينة وترجع مرة أخرى لتستمع إليه سرعان ما تتذكر نبرات صوته الحنون المليء بالشجن والأحاسيس الممزوج بروح صوفية متأثرة بالإنسانية والوجدانية النابعة من قلبه المحب للخير والعطاء, انه صوت الشاب المبدع الفنان عامر الرحال نعم انه صوت يستحق ذلك التعبير والكلام الجميل والسماع إليه بكل وقت انه الصوت المخملي.
عامر من الأصوات المهذبة ويمتلك خامة صوتية فريدة من نوعها ,ومن الأصوات غير التقليدية وهذه صفة مهمة للصوت ومن الأصوات المتوسطة لأنه لا يمتلك جواب الجواب ولا قرار القرار صوته طبيعي وهادئ استطيع القول بعيدا عن الصراخ أو ما شابه ذلك وهذا لا يدل على انه ليس لديه قرار أو جواب بل على العكس كل مؤدي أو مغني لديه الجواب والقرار لكن أنا اقصد القرار الكبير أي قرار القرار وجواب الجواب وهذا ليس عيب عندما لا نجد بالصوت القدرة على أداء جواب الجواب أو قرار القرار هذه مسالة طبيعية فلكل صوت قدراته ,هناك أصوات جواب الجواب أي( السبرانو) الصوت النسائي وهذا غير محبب, السبرانو فقط لأصوات النساء,لكن العيب عندما توجد الأخطاء بمخارج الحروف أو الخروج عن التون أو الخروج من الدرجة أو العلامة الموسيقية والخروج من الإيقاع أو هناك (نشازا ) بالأداء هذا هو العيب غير المرغوب به في الغناء بجميع أشكاله, حتى عندما يؤدي عامر الجواب لا تشعر به لأنه لا يتكلف الغناء ولا يجهد نفسه يؤدي ولا يزعج أذن المستمع فهذه أيضا موهبة أخرى يمتلكها الرحال فتجد لدية تعدد المواهب وهذه صفة نادرة لا نجدها عند أي صوت أو مؤدي, فتجده يغني بسلاسة وبهدوء حتى باختيار الألحان الهادئة والإيقاعات التي لا نجد السرعة فيها ولا حتى الضجيج وهذا الهدوء الجميل الذي يمتلكه يسيطر على التحكم بصوته عندما يؤدي وحتى على شخصيته, ويمتلك القدرة على التلحين, ويجيد العزف على آلة العود والناي ,ولحن لصوته عدة الحان ولديه القدرة على التنقل بين المقامات بسلاسة وبانسيابية جميلة وكأنه يلون لوحة بألوان غير تقليدية .
منذ صغره كان يستمع للمطربة أم كلثوم ويحفظ العديد من أغانيها والمقام العراقي وكذلك الغناء العراقي بكل ألوانه وهذا الخليط من سماع الأغاني جعل لديه ثمره فنية مميزة وأصبحت لدية ميزه رائعة وهي طريقة الأداء بالموال التي لا تشبه أي طريقة بالأداء, طريقة مبتكرة غير تقليدية استطيع أن أقول عامر ابتكر لونا أخر من غناء الموال الخاص به وهذه الألوان والأطوار موجودة في العراق فقط وهذا الذي يميز الفن العراقي .
طريقة عامر بالغناء هي جديدة وحديثة وتلفت المستمع وهذا الشيء الذي يميز الفنان وتتسلط الأضواء عليه وإلى كل من يأخذ خاصية في طريقة أداء الموال وحتى في الغناء.
ظهر عامر الرحال في بداية الثمانينات أراد أن تكون له بصمة مميزة من ناحية الألحان والنصوص الغنائية التي اختارها ,كتب له الكثير من الشعراء الشاعر سالم الرافع كاظم إسماعيل قاطع والشاعر عزيز الرسام وغيرهم من الشعراء ولحن له الملحن الموسيقار جعفر الخفاف,
لم يستمر الرحال في الغناء فكانت المعارضة الكبيرة من الأهل والأقارب وحكم الظروف والعادات والتقاليد العشائرية التي ترفض اسم فن أو فنان رفض قطعي وبدون فتوى ,التي استسلم الرحال إلى مطالب الأهل والأقارب حتى جاءت الفرصة الذهبية للرحال ليتعرف على الشاعر الراحل احمد العسكري الذي كتب قصيدة الفصحى وكانت لدية فرقة إنشادية تسمى فرقة (الفجر الجديد) التي تحمل نور الله بكل مفردة من قصائد العسكري الذي ترك أثرا كبيرا بقصائده وكتاباته الرائعة, رحم الله الإنسان والشاعر الراحل احمد العسكري, بدأ الرحال مشواره مع العسكري ومع الفرقة وأصبح ملحنا ومنشدا لها ,ولحن مجموعة رائعة من قصائد العسكري, هذه المرة لم يستطع احد الوقوف بوجه الرحال وحبس صوته من الأهل والأقارب,لانه غير نمطه من فن عادي إلى فن سام أهدافه واضحة يحمل رسالة مبنية على الإنسانية والتسامح وحب الآخرين والحب في الله.
الرحال لم يستمر طويلا مع العسكري ربما لظروف معينة جعلته يبتعد عن الأداء أو الإنشاد والتلحين.
أتمنى أن يعود مرة أخرى إلى فرقة الفجر الجديد والى اختيار القصائد التي تحمل مشاعل الخير والعطاء من مختلف الشعراء حتى يتواصل إبداع الرحال ,لأننا بحاجة إلى صوته المخملي والى تلك القصائد التي باتت في حنجرته لكي تظهر مرة ثانية ليستمع الجميع إلى الفن الحقيقي الفن الراقي الذي يحمل في طياته جميع أطياف الفن الهادف.

أيــــهـم محسن