Posts Tagged ‘خليل كوكز’

هذه الصورة أنا والشاعر الفنان الكبير أستاذي إسماعيل الهيتي من اليمين وبجانبه الشاعر الكبير الأستاذ محمد خليل كوكز وهذه الصور الوحيدة التي تجمعني مع الشاعرين فلذلك أريد الاحتفاظ بها وتذكرني بأشياء كثيرة تحية إلى الشاعر إسماعيل الهيتي وتحية إلى الشاعر محمد خليل كوكز
أيهم محسن

( كوكز يحاكي الموسيقى بشعره )

إن الشاعر الشعبي الموهوب محمد خليل كوكز,شاعر أصيل ومبدع في كتاباته الشعرية فعندما يكتب بيتا من الشعر أو قصيدة يلونها بنغمات موسيقية خارجة عن المألوف ,بجماليات رائعة,
فتجد الموسيقى تنبثق وتتسربل بكل مفردة من مفرداته,نابعة من قلبه الصافي لتصل إلى حنجرته يغنيها بطريقة تلفت انتباه السامع منسوجة بحزن قديم ورثه من هموم الحياة.
لقد رافقته سنوات طويلة وما يزال هذا التواصل على رغم من بعد المسافة بيننا,كوني خرجت من العراق منذ أكثر من سبع سنوات,ولقد كان للشعر وللموسيقى حكاية معنا,كنا نجلس ساعات طويلة لنحقق رغبتنا بالشعر والموسيقا,كنت استمع إليه كثيرا,وكلما ألقى علي قصيدة,يصمت في وسطها ويقول لي إن هذه القصيدة من بحر كذا ومن إيقاع مثلا الوحدة الكبيرة أي الإيقاع الثقيل ومقام الرست,أذهلني فيه وشدني لشعره الممزوج بالموسيقا.
ومما يدل على أذنه الموسيقية وذوقه السليم وإلمامه بعلم الموسيقا لكثرة استماعه للغناء العراقي الأصيل وللمقام العراقي ولكبار الموسيقيين والملحنين لجميل بشير ومنير بشير والحان الموسيقار عباس جميل والحان الموسيقار طالب القرغلي وغيرهم,وكان ذلك اختيار رائعا ما جعل شعره يحاكي الموسيقا بكل مفردة يكتبها.
ويتميز الشاعر كوكز بطريقة جميلة في الإلقاء,بحيث يشدك إليه بصوته الحزين,ولا أنكر أنني قد تأثرت كثيرا بطريقة إلقائه, وبحضوره المميز,وكنت أظنه انه ينشد.
ولا يخفى عليك عزيزي القارئ,أن الإبداع حسنُ ومعاناة,ويقول أحد الفنانين التشكيليين
(لا يمكنني أن أرسم أو أصور الجوع دون أن أعانيه) وهكذا كوكز فهو لا يكتب شيئا من الخيال بل من الواقع الذي يعيشه,فالمعاناة جعلت منه شاعرا فحلا.

(الموسيقا الداخلية في شعر كوكز).
لقد وجدت أكثر أشعاره تمتاز بالموسيقا الداخلية فهو يقول في قصيدة والتي بعنوان (من جديد) وسوف أذكر بعض الأبيات من القصيدة.
من جديد اشتاك الك وعشك هواك
ومن جديد الروح تغفه ابين اديك
اجمع اجروحي ونثرهه ابسماك
اولونزف دمهه ورد يمطر عليك
وانسه كل السم الجرعته أبمر جفاك
وانسه الامي وعذابي وعتنيك
أو لوغدر بيك الزمن غفله او طواك
كلهه تتبره أو تحن روحي او تجيك…..
فإنني التمس العلاقة المتلازمة بين الموسيقا الشعرية والموسيقا السمعية بشكل واضح وكأن هذه القصيدة ولدت ملحنة,وكذلك في قصيدة( ما أملكم )
فأن التنويع في الإيقاع والمقامات الموسيقية والنغم الحزين رافق القصيدة من أولها حتى أخرها بحيث يقول فيها
ما أملكم…جيت الم عثرات جدمي
ابليل هندس خطوه خطوه واعتنيكم… ما أملكم
واني صبري اموالف السجه الطويله
عيوني ريل ادموع…حسراتي تسافر
بيه كل عبره محطّه اشتاكت الكم…ما أملكم
انتو الف باء العشك…… دفتر حياتي
صفحه صفحه ايشيل اسمكم
يا عشكم..فتح ابكلبي ورد…وشلون ما تدرون أشمكم…ما أملكم.
وكذلك أنشودة( يا عراق)وهو يقول فيها
يا عراق أنطرزه ألاسمك وسام
ونعلكه بصدورنه ايدفينه
ياعراق من نكع أبارض الحرام
تنزل أجبالك تجي وتشيلنه
ياعراق المانزف دمه عليك
هذهه مومن ماينه أو لا طينه….
وكذلك في قصيدة( الغربة) الرائعة التي لا استطيع أن أو صفها المليئة بالتناغم الحسي والروحي التي تشدك إلى انسجام موسيقي حزين وهو يقول فيها
يا وطن ما أنسه حضنك والدّلال
وين أدوّر مثل حضنك مالكيت
………..
ماحله أبعيني وحقّك ياعراق
لا جمال الدنيه لا كلشي قريت
…………..
انت لوحه أوخارطة هاذه الوجود
ونت شمس الله الجبيره الماطفيت….
وقصيدة( سبحة سندلوس) المليئة بالصور الرائعة والتناغم بين مفرداتها حيث يشدك إلى سماعها بدون أي ملل أو تكرار فهناك انسجام موسيقي بينه وبين المتلقي وخاصة عندما يكون مباشر. وهو يقول فيها
صرت ديوان أو ألمهم بين أديّ
أو عار…لو ديواني ما لم عارهم
كسّرت عمري عله موكد عشكهم
حتّه ادفيّهم طَُفتني أمطارهم.
ومن الأبوذيات التي دائما ارددها التي كتبها شاعرنا العزيز كوكز يقول فيها
كصن بيه الليالي الّمنّي
ولا رادن امن احّد الا منّي
يضل مرفوع راسي واللّي منّي
لا يهمني ولا اثّر عليه.
وهناك الكثير من الأبوذيات والزهيري لكني لا أريد ان أطيل بالكلام.
فعندما امسك بالعود وأحاول تلحين قصيدة أو أنشودة أو نص له فانه يرغمني بأن أضع الإيقاع الثقيل والإيقاعات الهادئة والتنقل بين المقامات واختيار الجمل الموسيقية الصعبة والحزينة, وكأنه يضع قانونا أو قالبا موسيقيا جديدا لإلقائه الشفاف ولقصائده,ونصوصه الشعرية الرائعة والجميلة.
الشاعر محمد خليل الكوكز شاعر وإنسان بكل شيء وهو الذي كرس حياته من أجل كتابة الشعر الذي يصارع المعاناة ليضعها بلسماً للجرح العراقي,كتب الكثير ولديه عدة دواوين شعرية وكتب بجميع الألوان الشعرية ويعتبر واحداً ممن حافظوا على التراث الشعبي,كتب القصيدة والأغنية والأنشودة والموال والأبوذية والزهيري وكتب العتابة والنايل والسويحلي والميمر ولم يفته لونا من الشعر إلا وكتبه,وهذا يدل على موهبته وبراعته,ولم يتوقف عن الكتابة مع الظروف التي
مر بها والمعاناة التي يلاقيها لكنه يعتبرها مواقفاً ليجعل منها صورا شعرية تحاكي الضمير والوجدان والإنسانية فإنه يستحق الكثير من الألقاب التي تليق به فأنا ألقبه بشاعر القصيدة المليئة بالأنغام العذبة والموسيقا الحزينة التي لا تشبه غيرها.
ونال إعجاب من كبار الشعراء وله جمهور واسع أينما ذهب,وقصائده التي لا تخلو من الصور والألوان الجميلة المطرزة بالموسيقا الحسية التي لا استطيع وصفها لكوني لست ناقدا بالشعر لكني أحس بها وأتأثر بها وأستمتع فيها.
مهما حاولت التعبير عن هذا الإنسان والشاعر المبدع لا استطيع وصفه,لكني ألفت قطعة موسيقية إهديها إليه والتي تحمل اسم( كوكز) أعبر عنها بجميع أحاسيسي ومشاعري الصادقة اتجاه إنسانيته وعطائه المتواصل وأحاكي بها جميع أشعاره التي باتت في مخيلتي التي لا استطيع نسيانها.
30-10-2011 الأحد
أيهم محسن