Posts Tagged ‘ظاهد’

 شاعر الأبوذية  (  الشاعر سالم الصالح )

ربما الصدفة جمعت بيني وبين الشاعر سالم الصالح حتى أصبحنا أكثر من أصدقاء ولازلنا أصدقاء لكن الذي فرق بيني وبين الشاعر سالم الصالح الغربة ومع ذلك لازلنا نتواصل بين الحين والأخر من خلال زياراتي للعراق لكنه موجود في مخيلتي وذاكرتي لا استطيع نسيانه حتى

لو نسيته يوم من الأيام  فالأغنيات التي كتبها لا تجعلني نسيانه وكان اللقاء الأول بيني وبينه منذ أكثر من عشر سنوات وهذا اللقاء لازلت أتذكر كل كلمة تكلمنا بها وكان يحمل بيده دفتر مليء بالأشعار التي كتبها لكني  كنت لم اعرفه منذ قبل ولا اعرف عنه أي شيء وبدأ بالحديث عن نفسه وقال لي أنا اسمي سالم الصالح واكتب الشعر ولي بعض النصوص الغنائية وبدا يقرأ من الدفتر الذي كان بين يديه وكان تركيزي الأول على صوته الرخيم الذي يحمل قرارا رائعا بنبرات حزينة فأعجبت بطريقة أسلوبه المميز بالإلقاء وربما كان لا يدرك ذلك انه يمتلك هكذا موصفات رائعة بصوته الذي يراودني كثيرا ولا استطيع نسيانه,فأخذت بعض النصوص لتلحينها وهذا ما كان يبحث عنه, فطلبت منه بتغيير بعض المفردات لكنه لم يعارض أبدا وطلبت منه أيضا أن يتواصل  ويحتك بالشعراء الشعبيين وان يستفاد من تجاربهم لأن الشاعر سالم الصالح لم يكن له تواصل مع الشعراء وهذا الشيء مهما بالنسبة له ووافقني الرأي وذهبنا إلى الشاعر الكبير الأستاذ محمد خليل كوكز وعرضنا له الأغاني والمواويل التي كتبها الشاعر سالم الصالح وبدأ اهتمامه وأعجب بالكلمات وعبر عن رأيه في بعض الملاحظات التي يحتاجها الشاعر سالم الصالح التي استفاد منها ومن النقد البناء من الشاعر محمد خليل كوكز لأن الشاعر الكبير كوكز له  باع طويل في كتابة الشعر ويعتبر واحد من أهم الشعراء الشعبيين في محافظة الأنبار والعراق وله الفضل الكبير وأصبحا الشاعر سالم صديقا له,وما جعل الشاعر سالم الصالح ان ينجح هو تواضعه وتقبله للنقد البناء والإصرار الذي يمتلكه وبدأ يتواصل مع الشعراء ومشواره الحقيقي مع كتابة الشعر وأصبح شاعرا رائعا بكتابة (الأغنية وكتابة الأبوذية والزهيري والموال) لأن الشاعر سالم الصالح يمتلك موهبة حقيقية جعلته يتطور يوما بعد الأخر في بناء الأغنية والكثير من البحور الشعرية وكل يوم يفاجئنا بكتابة أبوذية وموال,وأنا اعتبر الشاعر سالم الصالح شاعر شفاف في جميع كتاباته ومميز عن بقية الشعراء وخاصة في كتابة الأغنية ولقب بشاعر الأبوذية من زملائه الشعراء لكنه ليس فقط شاعر الأبوذية أيضا يستحق لقب الشاعر الشفاف وشاعر الأغنية من خلال تجربتي معه وتلحين العديد من الأغنيات التي كتبها ويستحق ذلك بكل جدارة ومن الأبوذيات التي كتبها الشاعر سالم الصالح ( وردة )

عجيبه اشلون ما سموك وردة

يحالتي حالت المجنون ورده

أبحديقتنه أنتمنه أتصير ورده

نشمك كل صباح أو مسيه

التي غناها أحد الفنانين لا أريد أن أذكر اسمه وأيضا غنى له أغنية التي أعددت لها اللحن من التراث وتفاجأت بتسجيل الأبوذية والأغنية باسم شاعر أخر وسجل اللحن من التراث حينها اعتذر لأنه لم يقصد الإساءة وقبلنا الاعتذار وطلبت منه ان يغني الأبوذية والأغنية في احد اللقاءات التلفزيونية ويقول هذه من كلمات الشاعر سالم الصالح وحينها قال سوف افعل ذلك لكنه لم  يفعل ذلك,ومع ذلك الشاعر سالم الصالح نسي الأمر ولم يتذكره بعد لأنه طيب القلب وسمح جدا.

الشاعر سالم الصالح له خصوصية في كتابة الأغنية الوطنية وتميز بهذه الجانب الرائع وهذا ما يدل على حبه وإخلاصه لوطنه الحبيب العراق العزيز والغالي على جميع العراقيون الشرفاء ومن بين هذه الأغاني التي كتبها الشاعر سالم الصالح أنشودة (وين أنت مثلك وطن ) التي سجلها  الفنان  لمبدع (ظاهد الراشد) التي ابدع في اداء هذه ألأنشودة الرائعة وكانت الأنشودة من الحاني ربما اللحن لم يكن بنفس مستوى الكلمات لأني لا استطيع تقييم الحاني ربما كان اللحن اقل مستوى من الكلمات الانشودة.

ايهم محسن

من هنا تحميل واستماع انشودة وينت مثلك وطن

(بس تعالوا) من الأغاني الجميلة والرائعة التي لامست وتكلمت عن جرح وحزن عراقي وهموم متراكمة وعن الإنسانية التي نسجها الشاعر ليس من الخيال بل من الواقع الذي نعيشه,ونجد الشفافية والمصداقية والإنسانية موجودة في كل حرف من القصيدة التي كتبت لأوضاع خاصة بالشاعر, كانت تلامس جرح شاعرها, لكن سرعان ما تحولت تلك الأغنية إلى عوامل مشتركة بين الشاعر وجميع العراقيين لأنهم تأثروا بها كقصيدة وحملوها بقلوبهم كلحن رائع وعشقوها كأغنية من صوت عذب,التي كتبها الشاعر والإنسان الشفاف (سعدون قاسم ) وأصبحت (بس تعالوا) جزء لا يتجزأ من كل من استمع إليها ,التي لحنها الموسيقار الرائع (كاظم فندي) انه يستحق الوقوف لتأدية التحية الذي لم يترك بصمة واحده في العراق فحسب بل ترك بصمات كثيرة وكبيرة في نفس الوقت,ألحانه المطرزة بحنين العراق المنسوجة بروح صادقة ,أداها الصوت الجريح الذي يحمل في طياته أنين القصب والبردي وليل الأهوار ونسمات دجلة والفرات, بلبل الجنوب ابن العراق الصوت الشفاف( الموسيقار كريم منصور) الذي ترك أثرا كبيرا في نفوسنا ذلك الصوت المعبر في جميع أحاسيسه ومشاعره الصادقة.
وتفاجأت عندما استمعت إليها مسجلة بصوت الفنان العزيز ظاهد الراشد لان هذه الأغنية لم يستطيع احد أن يؤديها غير( الموسيقار كريم منصور),المهم حاولت التركيز مع أغنية( بس تعالوا) بصوت الفنان ظاهد الراشد نعم انه عبر بجميع أحاسيسه الصادقة من خلال أدائه للأغنية, أراد أن يستذكر صوت الفنان كريم منصور وهذا شيء رائع جدا,وحاول أن يحذو حذو الموسيقار (كريم منصور) لأنه يرغب بغناء تلك الأغاني القريبة إلى صوته وقلبه التي تتكلم عن واقع حال, استطاع أن يظهر ما في داخله من هموم وحزن متراكم وهموم لا تزال تعيش في داخل كل مواطن عراقي داخل العراق وخارجه من خلال أداء الأغاني التي تحمل اسم العراق الجريح وأغنية ( بس تعالوا) والمواويل التي تلامس تلك الجروح التي باتت واضحة على كل عراقي يحمل الإنسانية.
استطيع القول إن الفنان ظاهد بدأ النضوج لديه وغيـّر نمطه بالفن الحقيقي الذي يحمل الرسالة التي تعبر عن واقع الحال الذي نعيشه لان الفنان الحقيقي هو مسؤول عن كل ما يقدمه للمستمع وخاصة في العراق نحن بأمس الحاجة إلى الكلمة والمفردة واللحن والأغنية التي تعكس الصورة الواقعية ,حتى يصبح الفنان ذو قيمة في المجتمع الذي يحيط به.
كتب للفنان ظاهد العديد من الشعراء منهم الشاعر سالم الرافع والشاعر المبدع محمد خليل كوكز الذي قدم له أجمل القصائد الوجدانية والوطنية والمواويل التي لامست الجرح العراقي,ولحن له الملحن الراحل( قيس الحربي) الذي يعتبر أول من لحن له وتعامل مع العديد من الملحنين وأستطاع الراشد أيضا تلحين بعض الأغاني التي غناها بنجاح.
أما من ناحية الإمكانية بالأداء يعتبر من الأصوات المتوسطة ولديه إمكانية جيدة في الأداء والتلاعب بالنغم والانتقال بين المقامات والانعطاف قليلا ليأخذ بعض الجمل الموسيقية منها ثم الرجوع مرة ثانية إلى المقام والدرجة التي يرتكز عليهما وبكل سهولة وبجماليات تفوق العادة ليبحر مرة ثانية ويرتكز إلى مقام أخر بدون تكلف ليسبح في محيط من الأنغام ليرتوي منها حتى يعود مرة ثانية إلى المقام الذي بدأ منه وهو يحمل النغمات التي جلبها من هنا وهناك ليضعها في أذن المستمع لتصبح غذاءا ً للروح, ويمتلك( العرب الصوتية الجميلة) ويستطيع الوصول إلى جواب الجواب والقرار في بعض الأحيان حسب المقام والدرجة التي يرتكز عليها ويستطيع الغناء على أكثر من درجة موسيقية, فتجده يبحث وراء المقامات المنسية مثل(مقام الجهاركاه ومقام الحجاز كار ومقام السوزناك) والأغاني والمواويل المعبرة ويؤديها بكل جدارة, وهذا يدل على حبه وحرصه للفن الأصيل وذوقه الرائع, ويعتبر صوته من الأصوات المهذبة ولديه القدرة على أداء الكثير من الأغاني الصعبة وأداء المقامات العراقية وخاصة أغاني كريم منصور التي أبدع فيها وبقية الألوان العراقية مثل الأطوار الريفية مثل (الأبوذية والزهيري والمحمداوي) وأيضا أجاد في غناء الأطوار الغربية لكونه ابن هذه البيئة مثل طور( العتابة والسويحلي والنايل والچوبي) والكثير من الأطوار وأيضا لديه خاصية في غناء (مقام الكورد) الذي انفرد فيه لكي يصبح له نمطا ً خاصا ً في الغناء وأدى الكثير من الأغاني العراقية القديمة الصعبة والأغاني العربية المتنوعة. عندما تستمع إلى صوته العذب والحنون لم تنسى تلك الأحاسيس المرهفة التي تجعلك تنتعش وتذهب مع صوته إلى أجواء خالية من الضجيج ليبعث الهدوء والارتياح بالنفس.
لكن للأسف الشديد لم يأخذ نصيبه ولم يحالفه الحظ في الإعلام هناك الكثير من أعماله الخاصة التي لم تظهر كثيرا على إحدى القنوات الفضائية,اليوم أصبح الإعلام أوسع بكثير وخاصة في العراق هناك الكثير من الفضائيات ولا نستطيع عدها, نأمل من الجهات المعنية ومن الإعلام والقنوات الفضائية أن تهتم بالفن الحقيقي وإعادة النظر في مسألة مهمة وهي الفن الحقيقي الذي أصبح مهمشا, ليست الموسيقى والغناء وحدهما بل جميع الفنون التي باتت تعاني من الانقراض وهذه مسألة مهمة فلولا الفن لم تظهر تلك الحضارات التي وثقها عبر ألاف السنين.
أتمنى التوفيق للفنان ظاهد الراشد الذي بدأ يشعر بالمسؤولية اتجاه الفن الحقيقي الفن المعبر حتى تصل الكلمة الجميلة واللحن المعبر الى جميع قلوب الناس

أيهـــــــم محسن