Posts Tagged ‘منصور’

(بس تعالوا) من الأغاني الجميلة والرائعة التي لامست وتكلمت عن جرح وحزن عراقي وهموم متراكمة وعن الإنسانية التي نسجها الشاعر ليس من الخيال بل من الواقع الذي نعيشه,ونجد الشفافية والمصداقية والإنسانية موجودة في كل حرف من القصيدة التي كتبت لأوضاع خاصة بالشاعر, كانت تلامس جرح شاعرها, لكن سرعان ما تحولت تلك الأغنية إلى عوامل مشتركة بين الشاعر وجميع العراقيين لأنهم تأثروا بها كقصيدة وحملوها بقلوبهم كلحن رائع وعشقوها كأغنية من صوت عذب,التي كتبها الشاعر والإنسان الشفاف (سعدون قاسم ) وأصبحت (بس تعالوا) جزء لا يتجزأ من كل من استمع إليها ,التي لحنها الموسيقار الرائع (كاظم فندي) انه يستحق الوقوف لتأدية التحية الذي لم يترك بصمة واحده في العراق فحسب بل ترك بصمات كثيرة وكبيرة في نفس الوقت,ألحانه المطرزة بحنين العراق المنسوجة بروح صادقة ,أداها الصوت الجريح الذي يحمل في طياته أنين القصب والبردي وليل الأهوار ونسمات دجلة والفرات, بلبل الجنوب ابن العراق الصوت الشفاف( الموسيقار كريم منصور) الذي ترك أثرا كبيرا في نفوسنا ذلك الصوت المعبر في جميع أحاسيسه ومشاعره الصادقة.
وتفاجأت عندما استمعت إليها مسجلة بصوت الفنان العزيز ظاهد الراشد لان هذه الأغنية لم يستطيع احد أن يؤديها غير( الموسيقار كريم منصور),المهم حاولت التركيز مع أغنية( بس تعالوا) بصوت الفنان ظاهد الراشد نعم انه عبر بجميع أحاسيسه الصادقة من خلال أدائه للأغنية, أراد أن يستذكر صوت الفنان كريم منصور وهذا شيء رائع جدا,وحاول أن يحذو حذو الموسيقار (كريم منصور) لأنه يرغب بغناء تلك الأغاني القريبة إلى صوته وقلبه التي تتكلم عن واقع حال, استطاع أن يظهر ما في داخله من هموم وحزن متراكم وهموم لا تزال تعيش في داخل كل مواطن عراقي داخل العراق وخارجه من خلال أداء الأغاني التي تحمل اسم العراق الجريح وأغنية ( بس تعالوا) والمواويل التي تلامس تلك الجروح التي باتت واضحة على كل عراقي يحمل الإنسانية.
استطيع القول إن الفنان ظاهد بدأ النضوج لديه وغيـّر نمطه بالفن الحقيقي الذي يحمل الرسالة التي تعبر عن واقع الحال الذي نعيشه لان الفنان الحقيقي هو مسؤول عن كل ما يقدمه للمستمع وخاصة في العراق نحن بأمس الحاجة إلى الكلمة والمفردة واللحن والأغنية التي تعكس الصورة الواقعية ,حتى يصبح الفنان ذو قيمة في المجتمع الذي يحيط به.
كتب للفنان ظاهد العديد من الشعراء منهم الشاعر سالم الرافع والشاعر المبدع محمد خليل كوكز الذي قدم له أجمل القصائد الوجدانية والوطنية والمواويل التي لامست الجرح العراقي,ولحن له الملحن الراحل( قيس الحربي) الذي يعتبر أول من لحن له وتعامل مع العديد من الملحنين وأستطاع الراشد أيضا تلحين بعض الأغاني التي غناها بنجاح.
أما من ناحية الإمكانية بالأداء يعتبر من الأصوات المتوسطة ولديه إمكانية جيدة في الأداء والتلاعب بالنغم والانتقال بين المقامات والانعطاف قليلا ليأخذ بعض الجمل الموسيقية منها ثم الرجوع مرة ثانية إلى المقام والدرجة التي يرتكز عليهما وبكل سهولة وبجماليات تفوق العادة ليبحر مرة ثانية ويرتكز إلى مقام أخر بدون تكلف ليسبح في محيط من الأنغام ليرتوي منها حتى يعود مرة ثانية إلى المقام الذي بدأ منه وهو يحمل النغمات التي جلبها من هنا وهناك ليضعها في أذن المستمع لتصبح غذاءا ً للروح, ويمتلك( العرب الصوتية الجميلة) ويستطيع الوصول إلى جواب الجواب والقرار في بعض الأحيان حسب المقام والدرجة التي يرتكز عليها ويستطيع الغناء على أكثر من درجة موسيقية, فتجده يبحث وراء المقامات المنسية مثل(مقام الجهاركاه ومقام الحجاز كار ومقام السوزناك) والأغاني والمواويل المعبرة ويؤديها بكل جدارة, وهذا يدل على حبه وحرصه للفن الأصيل وذوقه الرائع, ويعتبر صوته من الأصوات المهذبة ولديه القدرة على أداء الكثير من الأغاني الصعبة وأداء المقامات العراقية وخاصة أغاني كريم منصور التي أبدع فيها وبقية الألوان العراقية مثل الأطوار الريفية مثل (الأبوذية والزهيري والمحمداوي) وأيضا أجاد في غناء الأطوار الغربية لكونه ابن هذه البيئة مثل طور( العتابة والسويحلي والنايل والچوبي) والكثير من الأطوار وأيضا لديه خاصية في غناء (مقام الكورد) الذي انفرد فيه لكي يصبح له نمطا ً خاصا ً في الغناء وأدى الكثير من الأغاني العراقية القديمة الصعبة والأغاني العربية المتنوعة. عندما تستمع إلى صوته العذب والحنون لم تنسى تلك الأحاسيس المرهفة التي تجعلك تنتعش وتذهب مع صوته إلى أجواء خالية من الضجيج ليبعث الهدوء والارتياح بالنفس.
لكن للأسف الشديد لم يأخذ نصيبه ولم يحالفه الحظ في الإعلام هناك الكثير من أعماله الخاصة التي لم تظهر كثيرا على إحدى القنوات الفضائية,اليوم أصبح الإعلام أوسع بكثير وخاصة في العراق هناك الكثير من الفضائيات ولا نستطيع عدها, نأمل من الجهات المعنية ومن الإعلام والقنوات الفضائية أن تهتم بالفن الحقيقي وإعادة النظر في مسألة مهمة وهي الفن الحقيقي الذي أصبح مهمشا, ليست الموسيقى والغناء وحدهما بل جميع الفنون التي باتت تعاني من الانقراض وهذه مسألة مهمة فلولا الفن لم تظهر تلك الحضارات التي وثقها عبر ألاف السنين.
أتمنى التوفيق للفنان ظاهد الراشد الذي بدأ يشعر بالمسؤولية اتجاه الفن الحقيقي الفن المعبر حتى تصل الكلمة الجميلة واللحن المعبر الى جميع قلوب الناس

أيهـــــــم محسن